لحظة مصير – نوفيلا الصقر والبركان – الفصل الأول

لحظـة مصيــر نوفيـلا الصقـر والبركان لكاتبة الحـب والحـربميسـون ســرور

” لحظـة مصيــر “لأن الوطـن لا ينسى شهــداءهوسيذكـر التـاريخ رجـــاله
” لحظة مصير “ملحمة حية توثق معركة وطنوقوة وعظمة أبطاله”ميسون سرور”■■■

إهـــداء إلـى..
كل مَن أفنى حياته فى خدمة وطنـه الغالي ..
بضميـر وإخــلاص..
كل مَن ضحى بنفسـه من أجل نفـس أخــرى..
أسرة و روح كل شهيـد بكيناه بقلوبنـا ودموعنـا..
وكل مَن يدافع عـن..
مبـدأ أو كلمـة أو حيـاة أو أمل جديـد..
“ميسون سـرور”■■■

(المقــدمــــة)لحظـة مصيـــر..ليس مجرد مجموعة روايات أو قصص..فهذا الكتاب حالة خاصة تطلبت مجهوداً وتحضيراً وعملاً دائماً طوال ثلاث سنوات.. بدءاً من شهر يونيو 2011 وحتى يومنا هذا..خلال تلك الفترة تمكنتُ من كتابة وإعداد أكثر من ثلاثين قصة من أرض الواقع، لكن أحداثها فاقت الخيال، وذلك بعد أن تواصلتُ مع الكثيرين من أبطال القصص الحقيقين وأسرهم ورفاق رحلتهم ، حتى أصبحتُ واحدةً منهم وأصبحوا هم أسرةً كبيرةً لي أعتز بها كثيراً ، هم الآن أول مكسب حقيقي لي حصلتُ عليه من وراء هذا الكتاب..ولذا قررتُ أن أُشرك قرائي معي فى تلك التجربة الفريدة من خلال مجموعات روائية متوالية، بدأتها بـ (لحظة مصير) ليكون هو بداية انطلاقة مؤلفاتي..التي تجمع بين واقع الحياة وبين خيال ورؤية الكاتب..وليكون هذا الكتاب أول رسالة لمن يُريد أن يتعلم المعنى الحقيقي للتضحية والعطاء..وليكون درساً للأجيال القادمة يتعلمون منه حب الوطن والدفاع عنه لآخر قطرة دمٍ وآخر نفس..أتمنى أن ينال لحظة مصير إعجاب كل مَن يقرؤه، وأن يستشعر جزءاً من الحياة التى يعيشها أبطال القصص الحقيقيون، وأن يشاركني القارىء الحالة التي عشتها طوال فترة الإعداد كي يخرج هذا الكتاب إلى النور..والذي يُعـد بالنسبـة لي..”العمـل الأهـم فى حيـاتى”وفى النهايـة..أتـرك الحكـم للقـارىء..”ميسون سـرور”■■■

“نوفيـلا” (الصقــر والبركــان) عن حياة بطل وإنسان لن يتكـرر..وبطولة استشهاد كل سطر فيها يدرس لأجيال وأجيال..((الشهيد البطل الرائد محمد أبـو شقـرة)) (ضابط قوة مكافحة الإرهاب الدولي وإنقاذ الرهائن – الأمن الوطني)
(محمـد سيـد عبد العزيز أبـو شقـــرة).. – تخـرج 21 \ 7\ 2003 .. – كان من أكفأ 10 ضباط مقاتلين فى وزارة الداخلية- حصل على أعلى الأوسمة والتدريبات القتالية.. – يُعتبر النواة الأولى لتكوين مجموعة البلاك كوبرا.. – كان على رأس المطلوبين ضمن قائمة الإغتيالات من قِبل الجماعات الإرهابية.. – تولى مهمة تأمين العديد من الشخصيات العالمية الهامة التي حضرت إلى مصر، ومنهم الرئيس الأسبق (جيمى كارتر) و(هيلاري كلينتون) وزيرة الخارجية الأمريكية. – العملية (نسـر) أبرز العمليات التي شارك فيها الشهيد البطل، وهي العملية التي شنتها القوات المسلحة بالتنسيق مع العمليات الخاصة والأمن الوطني في سيناء.. – سفره الأخير إلى العريش..كان لتنفيذ مهمة ضبط المتهمين بإختطاف الجنود السبعة في سيناء..
(الرائد محمـد أبـو شقـرة)استشهد في ظل عملية تحرير الجنود السبعة المخطتفين، وتطهير البؤر الإجرامية والإرهابية في شمال سيناء.. تاريخ الاستشهاد 9 \ 6 \ 2013 م
■■■

(1)(حديقة دار الوفاء للأيتام)
التف عدد كبير من الأطفال ، حول شاب طويل وعريض ، يرتدى ملابس المهرج المتعددة الالوان ويضع على وجهه مساحيق عدة وانفاً احمر كبيراً وعلى رأسه شعر مستعار احمر كثيف كما يفعل مهرجى السيرك ، ومع موسيقى الـ (دي جي) في الحفل كان المهرج الشاب يقوم ببعض الالعاب البهلوانية بالكور والاطباق التي أبهرت الأطفال وجعلتهم يصفقون له بحماس شديد كلما أنهى حركة بهلوانية جديدة ..ثم بدأ يجذب الأطفال ليشاركوا معه في العرض واحداً تلو الآخر ويجعلهم يحاولون تقليده في الحركات التي يؤديها، فازداد تفاعل الأطفال معه وأضاف إليهم الكثير من المرح..أثناء اندماج المهرج معهم دخل إلى الحديقة شاب وسيم ، قمحى البشرة وذو شعر أسود ناعم كثيف ، يرتدي زي الشرطة ويضع على عينيه نظارة شمسية سوداء يخفي بها عينيه السوداوتين ، وقف الضابط الشاب مستنداً إلى سور الحديقة بظهره عاقداً ساعديه أمام صدره، وهو يراقب المهرج الشاب مبتسماً، ويتأمل ما يفعله مع الأطفال وكأنه واحد منهم ، حتى لاحظ المهرج وجوده فأشار إلى لاعب الـ (دى جي) أن يخفض صوت الموسيقى قليلاً، ثم التفت إلى الأطفال رافعاً صوته في مرح..”دلوقتى هنلعب لعبة جديدة يا ولاد.. كل واحد يمسك كورة ويرفع إيـده لفـوووووق”انحنى الأطفال يأخذون الكرات الصغيرة من الأرض وأمسك المهرج أيضاً مجموعة في حضن ذراعه وأمسك واحدة في يده الأخرى وأشار نحو الضابط الشاب:- إللي مش بيحب البوليس يحدف الضابط إللي هناك ده بالكورة جامد ..رفع الضابط حاجبيه في دهشة واستنكار بينما أخذ الأطفال ينقلون نظرهم بين الضابط والمهرج في تردد دون أن يفعلوا شيئاً ، فقال المهرج في دهشة مصطنعة واستنكار في صوت مرتفع:- إيه ده يعنى كلنا بنحب البوليس؟!!!هتف الأطفال معاً بصوت مرتفع وقوة: – آااااااااااه.. هتف المهرج في صوت مرتفع ومرح:- طب كل إللي بيحب البوليس يحدف الضابط ده برضو ..قال كلمته الاخيرة وهو يقذف الكرة على الضابط فصاح الأطفال في مرح:- هيييييييييييييييييييييييه..وانهال سيل من الكرات على الضابط الذي تفاجأ بهذه الهجمة الغادرة فلم يستطع أن يتفاداها سوى بأن هبط على ركبيته لأسفل وأخفى رأسه خلف ساعديه وهو يقول في غيظ:- يا ابن اللذينَه..!!!!!وأخذ المهرج يلقي الكرات مع الأطفال على الضابط ومدرسات الدار يضحكن جانباً حتى تدخلت واحدة منهن واوقفت الأطفال عن متابعة قذف الكرات وهى تضحك على الرغم منها وعندما توقف الأطفال وهم يضحكون قال المهرج في صوت مرتفع:- عجبتكم اللعبة دي يا ولاد ؟!!!هتف الأطفال في مرح وسعادة: – آاااااااااااه..نظر المهرج إلى الضابط ضاحكاً:- خلاص كل حفلة نلعب اللعبة دى مع عمو الضابط ..أخذ الأطفال يقفزون في مكانهم فرحاً وهم يصيحون مرحاً: – هييييييييييييييييه..ابتسم ضابط الشرطة الشاب وهو ينظر إلى المهرج، ثم شكر المُدرسة التي تدخلت وأنقذته من هجوم الأطفال، فقالت له مبتسمة:- إحنا في الخدمة يا (طارق) باشا..والتفتت إلى الأطفال وجمعتهم حولها لتأخذهم إلى حجرة الطعام حيث حان موعد الغداء بينما ظل طفل منهم لا يتعدى السبع سنوات بجوار المهرج ثم جذبه من ملابسه الملونة :- هتيجى امتى تانى ؟!!!انحنى المهرج وحمل الطفل على ذراعه :- أنا هجي في أي وقت تعوزني فيه يا (أبو حميد) ..معاك رقم موبايلي.. أي وقت تعوزني فيه كلمني على طول.. اتفقنا؟أومأ الطفل (أحمد) برأسه ايجاباً وبابتسامة عريضة: – اتفقنا..قبله المهرج في خده في حنان ثم انزله على الأرض برفق ،والمدرسة لوحت بكفها للأطفال:- ياله يا ولاد قولوا باااااي لعمو (محمد) وعمو (طارق)..لوح الأطفال بكفوفهم الصغيرة للمهرج وللضابط (طارق) وهم يرددون ما قالته المدرسة فلوح الاثنان ، للأطفال بيديهما وهما يودعانهم ، ثم توجه (طارق) نحو المهرج (محمد) ، وما ان اقترب منه حتى رفع قبضته نحوه ، وكأنه يريد ضربه في مزاح فضحك (محمد) وهو يتراجع للخلف ثم قال مازحاً :- كنت بمرنك على صد الطوب في المظاهرات ..قال (طارق) في تهكم واستنكار :- مظاهرات يا خفيف!! طب ياله عشان لسه هنشترى حاجات كتير وقدامنا لفة جامدة ..ابتسم (محمد) مازحاً:- استنا لما أغير هدومي وأشيل علبة الألوان إللي في وشي دي..أشار (طارق) إلى ساعة يده:- بسرعة عشان بعد ما نجيب الهدايا ونروح دار (المودة) لازم أعدي أستلم بدلة الفرح..قال (محمد) في حماس: “حالاً”وأسرع إلى داخل مبنى الدار ، ودخل احدى حجرات الأطفال وقام بتغيير ملابسه وارتدى قميصاً ابيض وبنطلونَ جينز ازرقاً وغسل وجهه من مساحيق والوان المهرج ثم عاد إلى (طارق) في أقل من ربع ساعة وانطلقا معاً في سيارة (طارق) ليكملا جولتهما التي أعدا لها معاً منذ أيام..وفي السيارة لكز (محمد) ذراع (طارق) وهو يغمز بعينه:- الله يسهله يا عم العريس..!نظر إليه (طارق) في استنكار: – أنت هتقر من أولها !! لوح (محمد) بيده وهو يضحك في غيظ مصطنع: – طبعاً لازم أقر .. يعنى أبقى أنا إللي جايبلك العروسة وأخطبلك صاحبة أختي.. وتروح تتجوز قبلي !! بذمتك عمرك شفت حد بالندالة دي !! ضحك (طارق) في سخرية: – أديك شوفت أهـو!! وتابع في صوت به الكثير من التأثر:- لا بس بجد.. أنت عارف سبب استعجالي في الجواز.. إني على طول سايب ماما وبابا لوحدهم وهم ملهمش غيري.. وظروف البلد زي ما أنتَ شايف وبقيت أبعد عنهم كتير.. وماما هتتجنن وتشوف لها حفيد.. وبابا كمان..همس (أبو شقرة) بابتسامة حانية..”ربنا يفرحهـم بيك يا صاحبي.. وتنولهـم الحفيـد إللي نفسهـم فيـه”نظر إليه (طارق) لحظة ثم نظر أمامه هامساً في شرود..”يارب يا (شقرة).. يااااارب”■■■انتهى (محمد) و (طارق) من شراء الهدايا والحلويات ، وذهب الاثنان إلى دار (المودة) لرعاية المسنين وأخذا يزوران كل الغرف ويقدمان الهدايا إلى نزلاء الدار من الرجال والنساء كبار السن ، الذين غمرتهم البهجة بزيارة (محمد) و(طارق) وبسبب ما يفعلانه لهم دائماً ..وقد أضفي عليهم (محمد) المزيد من المرح والفرح عندما جمعهم كلهم في حديقة الدار ، ليحتفلوا معاً بعيد ميلاد إحدى الجدات ، كان (محمد) قد علم أنها تعانى من أزمة نفسية ، بسبب وحدتها وعدم سؤال أقاربها عنها ، ولذلك انهمرت دموع الجدة في غزارة من شدة السعادة والفرح ، وأخذت تحتضن (محمد) وتقبله وتشكره على اهتمامه بها هو و(طارق) ..كانت الفرحة التي يشعر بها (محمد) و(طارق) الناتجة عن اسعاد الآخرين لا تقدر عندهما بثمن ، ولذلك كانا قد أقسما على ألا يقطعا هذه العادة أبداً ، وهى صلة الرحم ، والسؤال عن الأقارب و الأصدقاء و زيارة دور الرعاية ومساعدة كل من هو في حاجة إلى اهتمام أو مساعدة ، حتى أن (طارق) كان قد تبنى طفلة جميلة في دار (الوفاء) ، و بعد أن علم (محمد) بتبنى (طارق) للطفلة قام هو الآخر بتبني طفل وطفلة ، وكان الاثنان يقومان بمتابعة كل ما يخص الأطفال الثلاثة بشكل منتظم وباهتمام حقيقي..سراً دون أن يعلـم أحـد عن هـذا الأمر شيئـاً..ولا عن زيارتهما الدائمة إلى دور الأيتام..ودور رعايـة المسنيـن..■■■انتهى الصديقان من جولتهما توجها إلى محل ملابس شهير في شارع (عباس العقاد)، ووقف (طارق) يختار بدلة زفافه بمساعدة صديقه الذي اختار لنفسه بدلة أخرى ليحضر بها الزفاف ، ثم وقفا يبحثان في المعروضات عن ملابس جديدة لهما بنفس الألوان والموديلات ..فهكذا الاثنان منذ صغرهما ، ذوقهما واحد ، تفكيرهما واحد ، صفاتهما واحدة ، احساسهما بالغير واحد وكأنهما روح واحدة انقسمت إلى جسدين ، معاً منذ صغرهما في النادي والدراسة ، وعندما كبرا وخطب (محمد) فتاة جميلة من بنات إحدى العائلات المقربة لعائلته..تقدم (طارق) للزواج من أخت خطيبـة صديقـه..وها هما الآن يستعدان لزفاف واحد منهما..وكأنهما سيزفـان معـاً ..■■■ذهب (محمد) إلى منزله ومعه (طارق) ليتناولا طعام الغداء ويقضيا باقى اليوم معاً بعد أن انتهيا من جولتهما الطويلة ، فاستقبلتهما والدة (محمد) في ترحاب شديد حيث أن (طارق) يعد بالنسبة لها ابنها الثاني الغالي..فهو تـوأم روح ابنهــا الحبيـب..(محمد) نـور عينيهــا..الذي كلما عاد إلى المنزل بعد غياب بضعة ساعات تستقبله وكأنه عائد من سفر بعيد ، وبعد غياب أعوام طويلة ، وذلك لشدة حبها له ولهفتها عليه طوال الوقت ..(محمد) ذو الثلاثين عاماً ، أصغر أبنائها ، رزقها الله به بعد اخوته البنات (هيام) و (نهى) و (شيماء) ، وجعله الله الأكثر براً بوالديه ، والأكثر حناناً وعطفاً على أسرته كلها ، فكلما كان يغيب عن المنزل لفترات طويلة بسبب ظروف عمله ، يعود إلى أسرته بكل شوق ولهفة ويقضي معهم أغلب وقته..كان يقوم بمساعدة أمه في أعمال المنزل ويجلس برفقتها دائماً يداعبها ويمزح معها وكان يأخذها في نزهة كلما سنحت له الفرصة في كل أجازة ، وكان مع والده كالصديق الحميم ، يذهبان إلى (الجيم) معاً ويمارسان رياضة الجري في النادي معاً ، يستعين بمشورته وخبرته في كل الأمور المتعلقة بعمله وبحياته الشخصية..فقد كان لا يحكي أسراره إلا لوالده..ولصديق عمـره (طـارق)..■■■أما الأخوات البنات..فعلى الرغم من أن (أبو شقرة) كان يصغرهن في السن، إلا أنه كان يكبرهن برعايته واهتمامه وحبه لهن ، فهو بالنسبة لأخواته البنات الأخ والصديق والحبيب وكل شيء ، هو دائماً ودودٌ معهن ، عطوفٌ حنونٌ عليهن وعلى أطفالهن ، حريص على الاهتمام بهن حتى بعد زواجهن وانفصالهن عن بيت العائلة..فكثيراً ما كان يسافر إلى (الفيوم) لزيارة أخته الكبرى (هيام) ، ويأخذها هي وأولادها في نزهة طويلة ويقضي اليوم كله معهم ولا يبإلى بالارهاق والتعب الذي سيعم عليه بعد عودته حيث أنه سيتحتم عليه أن يكون في عمله في الصباح الباكر ، وكان يقضى الوقت المتبقى من اجازته مع صديقه (طارق) وباقي أصدقائه ، فهُم كثر ، لأنه بطبيعته شخص اجتماعى جداً ويحب أن يخدم الناس ويودهم ..ولذلك يحبه الغريب مثل القريب لأنه دائماً وأبداً حسن الخلق والطباع ومهذب مع الجميع ويحب المرح والضحك والفكاهه ، وقد وهبه الله موهبة نادرة في جذب قلوب الآخرين والاستحواذ على اعجاب من حوله بسرعة ، وعلى الرغم من كل تلك الصفات والهبات التي منحه الله اياها بالاضافة إلى وسامته وجاذبيته ، إلا انه لم يحاول ولو مرة أن يستغل اعجاب فتاة نحوه او ان يتلاعب بمشاعر أحد ، لأنه يتقي الله دوماً ويحافظ على علاقته بربه ودؤوب على صلاته وعلى فعل الخير..هكذا هـو (محمد أبـو شقـرة)..الذي يراه الكثيـرون مجـرد شـاب وسيـم جــذاب ودود مهـذب..ضاحـك.. مـرح.. عطـوف.. حنـون.. مرهـف القـلــب..ولا يعرفـون أن هـذا الإنسـان ذو الابتسامة الخلابـة..الساحـر الطلة والطباع.. الجميـل خلقـاً وخلقـاً..هو واحد من أكفأ عشرة ضباط مقاتلين على مستوى الجمهورية..ضابط مكافحـة الإرهــاب الدولي بالأمن الوطني..النقيب (محمد سيد عبد العزيز أبو شقـره) ..■■■

(2)(أصوات الزفاف)ارتفع صوت المزامير علىى إيقاع ودقات الطبول مختلطاً بأصوات التصفيق والزغاريد ، والكل ملتف حول العروسين (طارق) و(هدى)، ليزفوهما إلى قاعة الأفراح داخل نادي الشرطة..وكان أول من وقف إلى جانب (طارق) كتفاً بكتف هو صديقه وتوأم روحه..(محمــد أبو شقرة)..كان (محمد) يحتفل بزفاف (طارق) وكأنه يزف شقيقه وليس صديقه ، وكانت والدته تراقبه بعينيها في الحفل وتتأمل فرحته بصديقه الذي لا يفارقه أبداً ، وهي تدعو الله في قرارة نفسها أن تحتفل بزفافه مثل (طارق) في القريب العاجل كي تفرح بأولاده وهم ملتفون حولها..ومضت الأوقات الجميلة سريعاً وانتهى حفل الزفاف..وصعد العروسان إلى الجناح المخصص لهما في فندق النادي..وكما رحـل الحاضرين وكل ضيـوف الحفـل..رحل (محمد أبو شقرة) مع والديه..وعاد بهما إلى بيت العائلة..■■■”كانت ليلة جميلة ما شاء الله.. عقبال ليلتك يا (حماده) يا حبيبي”قالت والدته ذلك بعد أن دخل الثلاثة البيت، وتابعت في سعادة: – وساعتها حبيبي أعملك فرح الكل يتكلم عنه!!التفت إليها (محمد) مبتسماً وامسك بوجنتيها مداعباً:- ربنا يخليكى ليا يا (بطوط) يا كميلة أنتِ!وقبل وجنتيها ورأسها في حنان ، ثم أخذها من يدها وجلسا معاً على الأريكة الكبيرة في حجرة الصالون بجوار النافذة الزجاجية العريضة وهو يمازحها:- بس أنا عايزك تنشفي كده وتبقي حما شديدة شوية..عشان تجيبيلى حقي في الخناقات..نظرت إليه أمه مستنكرة وهي تضحك:- خناقات إيه يا ابني من أولها كده!!! ربنا ما يجيب خناق!قال (محمد) في مرح: “بالعكس .. ده أهم حاجة الخناق..عشان الحياة متبقاش مملة.. لازم يكون فيها شوية تشويق وأكشن”ضربت ذراعه مداعبة:- أكشن إيه وبتاع إيه!!! طب على الله تبقى تزعل مراتك..!ضحك (محمد) وأمسك ذراعها في استكانة وفي اسلوب مصطنع:- وهو أنا بعرف أزعل حد!! أكيد هي إللي هتزعلني!نظرت إليه أمه متأملة وجهه الملائكي البشوش،وربتت على خده في حنان وحب:- آه والله يا حبيبي عمـرك ما زعلـت حد..ورفعت يديها داعية بابتسامتها الحانية:- إلـهي يارب يفرح قلبك يا (حماده) زى ما أنت مفرح قلبي..ويسعدك يا حبيبي ويجازيك على قد قلبي ما راضي عنك..اعتدل (محمد) ونظر إليها مبتسماً في حنان :- طب أنا هعوز إيه تاني بعد الدعـوة الحلوة دي!!وأمسك بكفها بين يديه وقبل يدها في حب:- ربنا يخليكي ليا يا ست الكل وميحرمنيش منك أبداً..حضر والده وجلس على الكرسي أمامهما وهو يسألهما متعجباً:- أنتم هتفضلوا قاعدين كده ولا إيه؟!!التف (محمد) في حركة سريعة وتمدد على الأريكة،واضعاً رأسه على رجلي أمه، وبابتسامة عريضة مرحة:”أيوووون..”ضحكت والدته ووضعت كفها على رأسه،ماسحة على شعره في حنو بينما نظر هو إلى والده مداعباً:- بعد إذنك يا سيادة اللواء.. (بطوط) هتنام في حضني الليلة دي!ضحك والده: “يا سيدي ربنا يهنيكم ببعض”وقبل أن ينهي جملته ارتفع صوت أذان الفجر بالخارج،فأشار اللواء (سيد) إلى ابنه سائلاً:- هتصلي هنا ولا تيجي معايا الجامع؟اعتدل (محمد) سريعاً في نشاط:- جاي معاك طبعاً.. عشان أخد ثواب الصلاة في المسجد..وكمان يا باشا عشان متروحش لوحدك في الوقت ده..البلد اليومين دول مش أمان يا أبو السيييد..!!ضحك والده ساخراً ثم ابتسم في ثقة:- جاي معايا تحرسني!!! خاف على نفسك أنتَ بس..!وقف (محمد) ونظر إليه مداعباً: “العفو يا سيادة اللواء..”وغمز بعينه متابعاً:- يا باشا أنا عارف إنك وحش قديم وميتخافش عليك..ده أنا إللي نازل في حماااك يا كبيـر..نظر إليه والده متاملاً إياه في حنان وفخر وإعجاب ثم قال :- طب يالا روح اتوضا واجهز بسرعة..رفع (محمد) يده بالتحية العسكرية لوالده مبتسماً..”تمام يا فندم.. خمس دقايق بالظبط وأكون جاهـز”وأسرع إلى غرفته بينما تابعه والده بعينيه حتى همست زوجته..”ربنا يحرسك يا ابني”التفت زوجها ناظراً إليها قليلاً ثم نظر عبر زجاج النافذة بجانبه..رافعـاً عينيـه إلى السمـاء وتنهد وهـو يهمس شارداً..”اللهــم أميـن.. ربنـا يحفظـك يا (محمد)”■■■